أكد أكاديميون وإعلاميون أهمية التربية الإعلامية في التحفيز على التعليم الناقد، مشددين على ضرورة تحصين الأفراد من مخاطر الانزلاق وراء ماكينة الإشاعات، وتمكينهم من كشف الأخبار المضللة.
وأوضحوا خلال مشاركتهم في جلسة حوارية بعنوان: "التربية الإعلامية والمعلوماتية في الفضاء الرقمي.. تجارب وممارسات"، عقدت على هامش فعاليات منتدى الأردن للاتصال الرقمي اليوم الأربعاء، وأدارتها مدير منصة "دراية" هند خليفات، أنه "ليس كل ما ينشر بالضرورة كاذبا، فهناك أخبار تتضمن حقائق لكنها مجتزأة"، مؤكدين أن الأردن كان سباقا في مجال التربية الإعلامية على صعيد الدول العربية.
وقال مدير الأخبار في قناة "رؤيا" الفضائية الزميل سعد حتر، إن المصارحة أهم سلاح لمواجهة خطاب الكراهية، ومحاولات التشويه، و"الفبركة" التي لها أهداف غير نبيلة، مشيرا الى أن أحد أهداف التربية الإعلامية الرئيسة يكمن في
"رفع سقف الحريات، وإعادة بناء الثقة بوسائل الإعلام كي لا تبقى المنصات والتطبيقات الرقمية المصدر الأول للمعلومات في فضاء افتراضي بلا معايير احتراف وقواعد نشر مبنية على الإنصاف والتوازن".
وتابع أن الذكاء الاصطناعي يحمل مخاطر مجتمعية، تهدد بنسف قواعد اللعبة، واقتحام أفئدة ومنازل الأفراد المستهدفين، مشددا على "ضرورة تحصين الشباب وتزويدهم بالذخيرة لمقاومة الصليات الرقمية المتناثرة في فضاء الإنترنت، خصوصا في ظل استخدام الإشاعة لبث الفتن وتقويض السلم الأهلي".
وأكد ضرورة تثقيف الشباب وتنبيههم من مخاطر الانزلاق وراء ماكينة الإشاعات، وتمكينهم من كشف الأخبار المضللة من خلال مفاتيح رقمية معتمدة، مشددا على أهمية أن "تنجح التربية الإعلامية ببناء حائط صد أمام طوفان المعلوماتية المتدفق بلا ضوابط".
وقال حتر، إن "الثورة الرقمية سحبت البساط من تحت أقدام السلطة الرابعة، التي باتت هامشية، خصوصا صناعة الصحف الآيلة للاندثار"، موضحا أن "فاجعة الغزيين كشفت انتقائية الإعلام الغربي وانحيازه، وفتحت أعين الشباب المغيب منذ عقود على وقائع يتجاهلها الإعلام المبرمج حيث نلحظ اليوم انزياحا في أمزجة شعوب الغرب نحو الحق والحقيقة؛ خاصة الشباب منهم".
فيما أكدت المستشارة والخبيرة في التربية الإعلامية والمعلوماتية، الدكتورة بيان التل، أهمية التربية الإعلامية، قائلة إن "الدولة الأردنية تبنت استراتيجية للتربية الإعلامية، وكانت سباقة ورائدة في هذا المجال"، موضحة أن التربية الإعلامية مهمة جدا لبناء المجتمعات، فضلا عن أن لها دورا كبيرا في التحفيز على التعليم الناقد البناء.
ودعت التل الصحفيين الى الابتعاد عن الشعبوية، كون مثل هذه الأشياء تقوض المهنة كسلطة رابعة، مشيرة الى أن "الإعلام المهني والصادق، مهم لنشر المعرفة، وهو صوت من لا صوت له".
وأشارت الى أن صناعة الخبر الكاذب ستزدهر خاصة في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، وقالت: "الحل يكمن في تحصين الأفراد، بدءا من المدارس والأسر وانتهاء بالجامعات وأسواق العمل".
من جهتها قالت أستاذة الإعلام في الجامعة البريطانية بمصر الدكتورة نجلاء العمري، إن "المنطقة العربية متأخرة في هذا المجال، مقارنة مع دول أخرى"، مضيفة أن الأردن كان سباقا في مجال التربية الإعلامية على صعيد الدول العربية، وتأتي فلسطين ثانيا.
وأوضحت أن التربية الإعلامية تعلم الشخص أو الفرد على التفكير الناقد، وضرورة أن يفكر مليا بشكل عقلاني منطقي بأي رسالة تصله من أي وسيلة إعلامية كانت، مؤكدة أن التربية الإعلامية مطلب للجميع، على اعتبار أنها مهارة حياتيه.
وأكدت العمري أن "كل ما ينشر ليس بالضرورة أن يكون كاذبا، فقد "يتضمن بعض الحقائق لتمرير السم في الدسم، فهناك أخبار كثيرة تتضمن حقائق لكنها مجتزأة".
فيما قالت أستاذة التربية الإعلامية في جامعة آل البيت الدكتورة ريم الزعبي، إن التربية الإعلامية تتضمن التاءات الثلاثة، وهي: التهذيب، التوعية، التمكين.
وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بديلا للمعرفة الإنسانية كي نستطيع أن نحكم ونقيم صحة المحتوى، على الرغم من أنه في الوقت نفسه قد يفيد من التحقق من الأخبار الكاذبة.
يشار إلى أن منتدى الأردن للإعلام والاتصال الرقمي، سيختتم أعماله اليوم الأربعاء، حيث تضمن ثماني جلسات، شارك بها نحو 30 متحدثا محليا وعربيا وعالميا، بالإضافة إلى قيادات إعلامية من دول عربية وأجنبية.
وناقش المنتدى، الذي استمر يومين وأقيم احتفاء باليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، وجلوس جلالته على العرش، وبالتزامن مع العيد الثامن والسبعين لاستقلال المملكة، قضايا وتحديات تواجه صناعة الإعلام العربي، وتقديم حلول مبتكرة لتعزيز أخلاقيات المهنة وحرية الإعلام ومواكبة التطورات في مجال الإعلام والاتصال الرقمي.