أكدت قيادات صحفية محلية وعربية، أن الصحافة الورقية لم تفقد دورها ومكانتها لدى الجمهور، وإنما تتمتع بمكانة رئيسة من حيث الأخبار والمعلومات التي تقدمها بمهنية وحياد، لافتين إلى أن التحول من الورق الى الرقمنة ضرورة لا حياد عنها لان الواقع يفرض ذلك.
وأشاروا خلال جلسة بمنتدى الأردن للإعلام والتواصل الرقمي، اليوم الأربعاء، إلى أن الصحافة الورقية رسخت المعايير المهنية للإعلام الرقمي ورسمت الطريق لحرفية هذا الإعلام، لكن الإعلام الرقمي تفوق في الوسيلة والسرعة ومعايير التفاعل مع الأحداث المختلفة.
وقال رئيس تحرير صحيفة القدس المقدسية، إبراهيم ملحم، إن الصحافة الورقية تشبه سيارة قديمة بمواصفات بسيطة،أما الصحافة الرقمية فتشبه سيارة حديثة فيها كل الإمكانات.
وأضاف "الصحافة الورقية لم تفقد دورها، وأنها بقيت تحافظ على دقة أخبارها ومهنيتها، لكنها تحتاج إلى تغيير مضامينها وأساليب تحريريها لاستمرارها" مشيرا إلى أن هناك التقاء بين الصحافة الرقمية والورقية وكل منهما يكمل الآخر، والأساس هي الورقية.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار في شبكة أبو ظبي، الدكتور حمد الكعبي، أن مهنة الصحافة موجودة وباقية، والمنصات الرقمية هي أدوات معززة للصحافة الهادفة إلى نقل المصداقية والمهنية والانتشار وهذه العوامل تدفع الصحفي لانتقاء أداته للانتشار.
وأضاف أن الصحف العالمية تجاوزت مسألة التحول الرقمي، لأنها تحولت استجابة للمتغيرات المختلفة في التقنية والتكنولوجيا، مبينا ان أهم إشكاليات التحول وتحدياته هو التغيير الثقافي، ومقاومة بعض الإعلاميين في المؤسسات الصحفية خوفا من فقدان وظائفهم لعدم استطاعتهم تطوير انفسهم ومواكبة التطورات والتدريب، بالإضافة إلى نقص في الاستثمارات وتأهيل الكوادر المؤهلة وتعزيز المهارات الرقمية.
وأضاف الكعبي، أن هناك تجارب ناجحة في صحف الجارديان والواشنطن بوست وفاينانشال تايمز إذ استطاعت تحقيق الانتشار وصناعة الأحداث بما يضمن الانتقال من التحول الى اختيار الأدوات وهي ضمن دراسة أنماط سلوك المتلقين والجمهور وممارساتهم الثقافية وتعاملهم مع التقنيات باعتبارها من أساسيات التحول الناجح.
بدوره قال رئيس تحرير جريدة الرأي، الدكتور خالد الشقران، إن الصحف الورقية باتت تشتكي التراجع في الاشتراكات والتمويل والمعلنين للاستمرار بتقديم دورها بصورة فعالة نتيجة تحول الجمهور للوسائل الجديدة.
وأضاف صحيفة الرأي، بصدد تغيير سياسة الاشتراك بالتعاون مع شركات الاتصال لتوسيع قاعدة متابعة جمهورها، وأن هناك فريقا متكاملا للصحيفة في المجتمع يقوم بمتابعة وتغطية جميع الأحداث بصورة فورية.
وأشار الشقران "نحاول توظيف الذكاء الاصطناعي لأجل فكرة تقليل الأخطاء وتحسين الصور والمادة الصحفية"، مبينا أن الصحف هي أكثر من يستفيد من الذكاء الاصطناعي في تصميم الصفحات والمادة الإعلامية، وأن الصحافة الورقية لن تنتهي في المدى المنظور وهناك جمهور يتابع الصحف الورقية ويعتبرها مصدرا ومرجعا مهما للأخبار المحلية.
وقال رئيس تحرير جريدة "الدستور" مصطفى ريالات "إن الصحف هي جزء من الأمن القومي" وإن الرقمنة ما هي إلا أداة لنشر الرسالة الإعلامية، مبينا أن جريدة الدستور ولدت نتيجة لاندماج صحيفتي المنار وفلسطين في عام 1967 لتكون أول صحيفة أردنية موضوعية تؤدي رسالتها الإعلامية بشكل حيادي وتسعى لتبني قضايا الوطن.
وبين أن الصحف الورقية ومن ضمنها "الدستور" بدأت في التراجع في الايرادات بسبب الرقمنة وغياب الدعم وتجرعت الصحيفة مرارة غياب الرواتب لموظفيها وقد ضحى الكادر الصحفي في سنة من السنوات باثمان باهضة في سبيل أن تبقى الصحيفة.
وأشار ريالات إلى أن "الدستور" استمرت بالانتشار والعمل على الرغم من الظروف التي ألمت بها وكانت من أوائل الصحف التي وظفت تطبيقات الذكاء الصناعي ووفرت خدمة طلب الأخبار بالصوت ونماذج إخبارية بالذكاء تقدم الأخبار والتقارير، ولدينا استوديو يقدم محتوى صوتي يعتبر جزءا من المستقبل ولدى "الدستور" 16 أداة رقمية منها بودكاست ومنصات صممت تلبية لاحتياجات الجمهور ومتطلبات نشر الرسالة الإعلامية وتعزيز الحضور الإعلامي في السوق.
ولفت الى وجود تشبيك مع مراسلين في غزة منذ اللحظة الأولى للحرب، قدمت خلالها "الدستور" خصوصية الحدث من وجهة نظرها كصحيفة، وأبرزت جهد المستشفى الميداني الأردني وجهد المراسلين الصحفيين كما أبرزت الأحداث للعالم، مؤكدا "يهمنا العمل لمصلحة الجمهور الأردني ولدينا مشروع لتطوير الموقع الإلكتروني بحيث يحتوي على سيرفرات وتبويبات للذكاء الاصطناعي جميعها موجودة لرفع مستويات التفاعل على المنصة الإخبارية".